صف لي العدل / خونا ولد محمد يسلم

خميس, 02/05/2019 - 14:11

يزخر تاريخنا العربي والإسلامي بنصائح وجهها أناس عاديون الى القادة والأمراء أو وجهها العلماء والحكماء الى الخلفاء والملوك والسلاطين لإنارتهم وارشادهم وتصويب رأيهم وتتباين هذه النصائح بين حكم موجزة بسيطة استقاها الناس من تجارب الحياة وتأمل أحوال الدنيا وتقلب الأيام وأخرى اخذت شكل مواعظ مؤيدة بالكتاب والسنة ولعل اشهر تلك المواعظ موعظة سلمة بن دينار لسليمان بن عبد الملك ومجالسة ابي حازم لسليمان ومن اجمل ما حملت الينا كتب السير من هذه النصائح نصيحة محمد بن كعب للخليفة العادل عمر بن العزيز إذ استنصحه قائلا: صف لي العدل فقال: كل مسلم أكبر منك فكن له ولدا ومن كان أصغر منك فكن له أبا ومن كان مثلك فكن له أخا وعاقب كل مجرم على قدر جرمه وإياك أن تضرب مسلما سوطا واحدا على حقد منك.

وإنني أتخيل إكمال هذه النصيحة في القرن والواحد والعشرين لمرشح في نظام ديمقراطي مستنيرا بتجربة زعيم ناجح هو مهاتير محمد...

بعد السلام والتحية، أهديك بعضا من حكم الطبيب المجرب فمادام للعهد عندك معنى وأنت تسأل الناس أصواتهم فاعلم أن عهدك لهم وليس لغيرهم وأن "أفضل ثروة عند كل أمة هي شعبها" وليس غازها ولا بحرها ولا يابسها.

أخي العزيز لعلك تعرف جيدا أن التخطيط المتقن هو طريق النجاح وأن غيابه هو أفضل طرق التخطيط للفشل، عليك أن تحدد أهدافك بدقة وتضع نصب عينيك استراتيجية للنهوض ببلدك يبقى اسمك إثر تنفيذها محفورا في ذاكرة التاريخ ولن يتأتى لك ذلك دون زرع الثقة في نفوس أفراد أمتك.  عود شعبك على الطموح قل لهم "أيها الموريتاني! ارفع رأسك؛ ناظرًا إلى المستقبل" واجعلهم يفرقون بين النجاح والفشل. عود مؤسساتك على احترام الجودة والتميز. واخلق من الحوافز رافعة للمنافسة الإيجابية.  استمع جيدا للمواطنين واصغ لحديث المعلمين الذين هم وسيلة النهوض، خصص للتعليم نسبة 25 في المائة من الميزانية وتعهده بالرعاية والعناية. اتجه شرقا للأخذ بناصية الدين والتكنلوجيا. و"إذا أردت الحج اذهب إلى مكة. وإذا أردت العلم اذهب إلى اليابان" والصين وكوريا.

اتجه غربا من أجل تمويل مشاريع عملاقة للبنية التحتية يقوم عليها اقتصادك ولا تتردد في جعل الاستثمار أكثر ما يمكن أن يكون. لكن كن رجلا حين تحاور الممولين فليس كل ما يقترحون يصلح لبلدك ولشعبك. وأعلم بأنهم لا يأخذون وقتا للتفريق بين البلدان لكن حين تكون صارما خادما لمصلحة شعبك سيستمعون إليك وسيأخذون تجربتك نموذجا يحتذى.

الفقر والمرض والجهل هم أعداؤك الحقيقيون وسلاحك ضدهم هو فرض التعليم والتمييز الايجابي، لكن فقط لأولئك المستحقين.

واعلم أن توسيع الطبقة المتوسطة هو السبيل إلى الاستقرار. أما العدل فلا حكم بدونه. وأما الشفافية فلا ازدهار بغيابها. وأن جيشك الحقيقي في معركة التخلف هو أفراد شعبك المتصفون ب "النظافة والكفاءة والأمانة".

إذا ساورك شك في عدم إمكانية تنفيذ هذه النصائح فاعلم بأن الاعتماد على نفس الوسائل سيقودك إلى ذات النتائج لذلك أقول عود نفسك على التفكير خارج الصندوق واجعل من هذه التجربة خير دليل.

 

لقد خفضت هذه الرؤية نسبة الفقر في بلد مهاتير محمد من 70 إلى 2 بالمائة ومتوسط دخل الفرد السنوي من 350 دولار إلى 16000 وخفضت البطالة إلى 2.5 واجهزت على الأمية حتى صارت 1 بالمائة بعدما كانت 47 في المائة.

أفلا تعتقد أن حال بلادنا اليوم أفضل من حال ماليزيا حين بدأت التحدي؟