أثار رئيس حزب « ريومي » السنغالي إدريس سك، وهو وزير أول سابق، الجدل بعد تصريحات قال فيها إن لديه أدلة وبراهين على أن مكة ليست المكان الصحيح للحج، ولكنه رفض الكشف عن هذه الأدلة إلا بعد أن « يتصالح » العرب واليهود، وقد أثارت هذه التصريحات غضب السنغاليين ووصفها وزير الشؤون الدينية السابق محمد بمب انجاي بأنها « تهافت » و « رواية صهيوينة ».
إدريسا سك كان يتحدث في مؤتمر صحفي بالعاصمة السنغالية دكار، تطرق فيه للتطورات الأخيرة في فلسطين، وقال إن « اليهود هم شعب الله المختار، وقد عانوا كثيراً على مدى التاريخ ».
وأضاف سك في تصريحاته المثيرة أن القضية الفلسطينية هي في الحقيقة « مجرد تنافس بين الإخوة »، معتبراً أن العرب واليهود « إخوة من أب واحد ».
وفي سياق حديثه عن العلاقة بين المسلمين واليهود، قال سك إن « الله لم يتكلم في القرآن عن لفظ (مكة) وإنما تكلم عن (بكة) التي تعني (البكاء)، فلماذا إذاً نتخيل بأن الجهة التي يجب أن تؤدى فيها شعائر الحج هي مكة المكرمة وليست بيت المقدس؟ ».
وأضاف سك » « لدي البراهين الدالة على المكان الصحيح لأداء شعائر الحج، غير أني لا أبوح بهذا السر إلا إذا تصالح اليهود والفلسطينيون »، على حد تعبيره.
وقد أثارت هذه التصريحات غضب العديد من السنغاليين، خاصة وأنها تصدر عن شخصية سياسية معروفة، إذ سبق أن تولى إدرس سك منصب الوزير الأول ويعد أحد أبرز المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية في الانتخابات المقبلة (2019).
وفي سياق الردود التي أثارتها هذه التصريحات وصف محمد بمب انجاي، وهو وزير الشؤون الدينية السابق في السنغال، تصريحات سك بأنها « تهافت » وقال: « لم أكن لأتابع تهافتات إدريس سيك لو لم يترشح هذا الأخير لمنصب رئيس الجمهورية، إنه لا ينبغي لمن يتطلع إلى احتلال منصب رئيس الجمهورية أن يتلاعب بالأمور العقدية وأن يستخف بالقضية الفلسطينية التي نعتبرها قضية جوهرية ».
وأضاف انجاي أنه « من أكبر الأخطاء التي ارتكبها صاحبنا إدريس سيك قوله إن الله لم يتكلم في القرآن عن (مكة) وإنما عن (بكة)، وكأنه يجهل أو يتجاهل قوله تعالى في سورة الفتح، آية 24 : [ وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم]، وفي أكثر من آية تكلم المولى جل شأنه وعلا عن مكة المكرمة بألفاظ مختلفة غير أن المقصد كان دائما تلك البقعة المباركة في أرض الحجاز ».
وفي السياق ذاته قال انجاي إن « رواية السيد سيك معروفة ومألوفة عند الصهاينة، ومن نحا نحوهم من أمثال دافيد بلحسن، ذلك المواطن التونسي يهودي الإنتماء، فهو ممن يزعم بأن بيت الله الحرام ليس في مكة المكرمة وإنما في بيت القدس، وأن المسلمين بدلوا الحقائق وحولوا القبلة بأنفسهم من بيت المقدس إلى الكعبة في مكة المكرمة ».
ويضيف انجاي أن خطورة هذا الكلام « تكمن في كونه يعني أن المسلمين يحجون في غير موضعه، وأنهم مخطئون كذلك في اتجاه الكعبة بمكة المكرمة قبلة لهم، وأن مكان أداء شعائر الحج يوجد في الأرض التي احتلتها إسرائيل في الوقت الحاضر، وليس في جزيرة العرب، وأننا ننتظر من المهدي إدريس سيك أن يبوح يوما ما بالسر المكنون! »، وفق تعبيره.
أما بخصوص ما قاله سك عن القضية الفلسطينية، يقول وزير الشؤون الدينية السابق إنه « الاستخفاف بل الإستهزاء بالقضية الفلسطينية ليس أقل خطرا مما سبقه، فكم من شهيد ضحى وكم من الأطفال والنساء عانوا ويلات الصهاينة دفاعا عن القضية الخالدة والحقوق الثابتة، فجاءت فتاوى الشيخ إدريس لتحويل ذلك إلى مجرد تنافس وحقد يكنه الطرفان (إسرائيل والعرب) بعضهم لبعض ».
ويضيف انجاي: « هل يمكن أن نتخيل مرة بأن السيد إدريس سيك يجهل مضامين الجيو سياسية إلى هذه الدرجة، أم أنه يعمل لصالح جهات صهيونية مجهولة تنوي النيل من عقيدتنا الراسخة بواسطة أبناء جلدتنا؟ ».
وخلص الوزير السابق إلى القول: « أدعو السنغاليين الذين انبهروا أمام خطب السيد إدريس سيك أن يفكروا مليا قبل الدخول في جحر الضب وأن يعيدوا النظر في اختيار مرشح أنسب للإنتخابات الرئاسية القادمة قبل فوات الأوان »، وفق تعبيره.