ظم مركز محيط للتنمية وقضايا المرأة والسلم مساء أمس السبت ندوة فكرية تحت عنوان "دور النخبة في بناء ثقافة الديمقراطية"
وقد تحدث في هذه الندوة الفكرية كل من الوزير الأول الأسبق يحيى ولد أحمد الوقف والوزير السابق حمادي ولد أميمو وقد ترأس هذه الندوة الفكرية الوزير السابق والأستاذ الجامعي د.البكاي ولد عبد المالك بدأت الندوة بتلاوة آيات من الذكر الحكيم تناولت الحديث أولا رئيسة المركز الوزيرة السابقة مكفولة بنت آكاط التي شكرت المحاضرين على قبولهما الدعوة كما شكرت الحضور على حضورهم واستعداهم للمشاركة في هذه الجلسة الحوارية التفكيرية.
بدأت فعاليات الندوة بالورقة التي قدمها الوزير الأول الأسبق يحيى ولد أحمد الوقف تحت عنوان :"علاقة ثقافة الديمقراطية بالسلم المجتمعي" وقد استعرض الوزير أولا مفهوم الثقافة الديمقراطية من منظور فلسفي وقال بأنه يقوم على الاعتراف المتبادل على النحو الذي حدده الفيلسوف الألماني هيغل وقال بأن الديمقراطية نوعان : الديمقراطية الجهورية القائمة على مبدأ المواطنة والديمقراطية التعددية التي أساسها الحرية والتعددية الثقافية واحترام الذات وأكد المحاضر بأن الكرامة الإنسانية باتت تشكل اليوم ركنا مهما ومقوما أساسيا من المقومات التي تنبنى عليها الثقافة الديمقراطية والتي تظهر لدى الأفراد من خلال الاستقلالية في التفكير والتصرف.
وقال بأن الأهداف التي ترمي إليها الثقافة الديمقراطية ثلاثة وهي :- القضاء على الانقسام والفتنة - الخضوع للقانون والقضاء على خطر الاستبداد - وترويض السلطة وقال الوزير ولد الوقف إن هذه الأهداف الثلاثة على صلة وثيقة بما أسماه بالقيم الديمقراطية التي قال بأنها هي: - الاستقلالية في التفكير والتصرف - قبول التعدد والاختلاف- العدالة والمساواة - وأخيرا الإنصاف
واختتم الوزير حديثه بالقول بأنه لا وجود للديمقراطية بدون وجود ثقافة ديمقراطية
- أما الورقة الثانية فقد قدمها الوزير السابق حمادي ولد أميمو تحت عنوان :"ثقافة الديمقراطية : الحدود والأبعاد" وقد استعرض فيها الوزير نشأة الديمقراطية كنمط من الحكم المدني القائم على الاختيار الحر بين مواطنين متساوين واستعرض الوزير بعد ذلك مفهومه للثقافة الديمقراطية وقال بأنها تقوم على مجموعة من القيم المشتركة التي أساسها حرية التنظيم والتعبير وقبول الآخر كما هو. وقال بأن الديمقراطية ليست خاصة بشعب دون آخر أو بحضارة دون أخرى بل هي عبارة عن تراث مشترك للإنسانية لكن ممارستها تحتاج إلى وجود بيئة اجتماعية وثقافية حاضنة تعمل على حمايتها وتطويرها وتحتاج على وجه الخصوص إلى وجود وعي سياسي مدني وقال بأن التعليم الجمهوري والصحافة الحرة هما الدعامتان الأساسيتان اللتان تقوم عليهما الثقافة الديمقراطية
واختتم الوزير حديثه بتحقيب للمراحل التي مرت بها الثقافة الديمقراطية في موريتانيا منذ الاستقلال إلى الآن وقال بأنها عرفت ثلاث مراحل :
مرحلة أولى امتدت من الاستقلال إلى بداية الانفتاح الديمقراطي سنة 1991 وقد وصف الوزير هذه المرحلة بأنها مرحلة إرهاصات الديمقراطية ولم تتوفر فيها الشروط الضرورية للممارسة الديمقراطية التعددية لعوامل عديدة
ومرحلة ثانية امتدت من سنة 1991 إلى سنة 2009 قال بأنها مرحلة وضع الأسس حيث تم وضع دستور جديد للبلاد ينص على فصل السلطات ويفتح المجال أمام التعددية الحزبية وحرية الصحافة....
ومرحلة أخيرة تمتد من سنة 2009 إلى سنة 2019 وقال الوزير بأن هذه المرحلة مميزة وفي غاية الأهمية من منظور الثقافة الديمقراطية حيث شهدت تطورا كبيرا في مجال الحريات العامة وتحرير المجال السمعي البصري وحرية الصحافة بأصنافها وفتح القنوات التلفزيونية والإذاعية الخاصة وتعزيز دور المجتمع المدني وتعدد الأحزاب السياسية والنقابات وقال بأن هذه المرحلة عرفت دفعا خاصا مع انتخاب الرئيس الجديد محمد ولد الشيخ الغزواني والتعهدات التي أعلن عنها بفتح مجال الحوار والتشاور مع المعارضة وإشاعة العدالة.
وخلص الوزير إلى القول بأن بناء الثقافة الديمقراطية تتطلب وجود نخب سياسية مثقفة تتحمل مسؤولياتها تجاه الشعب وتعمل على نشر مبادئ الديمقراطية في أوساط الشعب عن طريق التثقيف والتوعية.
ثم تتالت بعد ذلك مداخلات الحضور من المفكرين والباحثين والأساتذة الجامعيين والمحامين والمسؤولين السامين بالدولة والوزراء السابقين والحقوقيين وبعض رموز المجتمع المدني والحركة النسوية الذين كانوا حاضرين بقوة في هذه الندوة من بدايتها حتى نهايتها. كما عرفت هذه الندوة أيضا حضورا مكثفا للنخبة السياسية والفكرية ومن مختلف هيئات المجتمع المدني.